ميثاق إيمان ونور


أولاً - دَعوَةُ إيمَان وَنُور

إيمَان وَنُور هِيَ حَرَكَةٌ جَمَاعِيَّة. في قَلبِ هذه الجماعات هناك أشخاصٌ لدَيْهم إعَاقَةٍ عَقْلِيَّة مِن مُخْتَلَفِ دَرَجَاتِ الإعَاقَة مِن أوْلَادٍ وَمُرَاهِقِينَ وَرَاشِدِين. تُحِيطُ بِهِم عَائِلاتُهُم وَأصْدِقَاؤُهُم الَّذِينَ هُم بِشَكلٍ خَاصّ مِنَ الشَّبِيبَة. يُطلَبُ مِن كُلِّ جَمَاعَةٍ أن يُرافِقَهَا مُرشِد.

تُعطِي إيمَان وَنُور لِلأشخَاصِ الَّذِين لَدَيْهِم إعَاقَاتٍ عَقْلِيَّة، إمْكَانِيَّة أن يُعتَرَفَ بِهَا كَإنسَان بِكَامِل مَا لِلكَلِمَةِ مِن مِعنَى، كَمَا تُعطِيهِم إمكَانِيَّة مُمَارَسَةِ مَوَاهِبِهِم وَاكتِشَافِ فَرَحِ الصَّدَاقَةِ.

تَمْنَحُ إيمَان وَنُور لِلأَهلِ الدَّعْمَ فِي مِحنَتِهِم، وَتسْمَحُ لَهُم بِالتَّعَرُّفِ أكثَر إلى جَمَالِ وَلَدِهِم الدَّاخِلِي. وَبِدَوْرِهِم، يُصبِحُ كَثِيرُونَ مِنهُم سَنَداً وَعَوْناً لِسِوَاهُم مِنَ الأهلِ المُثْقَلِينَ بِألَمِهِم وَبِمَصَاعِبِهِم اليَوْمِيَّة.

إنَّ إخْوَةَ الأشخَاصِ المُعَاقِين وأخواتِهم هُم مَدْعُوُّونَ لأن يُدرِكُوا أنَّه بِإمكَانِ الشَّخصَ المُعَاقَ أنْ يَكُونَ مَصدَرَ حَيَاةٍ وَوِحدَةٍ؛ إنْ كانَ هذا الشَّخص قَد زَعزَعَ حَيَاتَهُم، بإمْكَانِهِ أيْضاً أنْ يُغَيِّرَهَا وَأنْ يَجْعَلَهَا تَتَجَلَّى.

يُدرك الأصدقاء، بِفَضْلِ الشَّخصِ المُعَاق، أنَّ هُنَاكَ عَالَماً آخَر غَيْرَ عَالَمِ المُنَافَسَة وَالمَالِ وَالنَّجَاح. يَلتَمِسُ الشَّخصُ الضَّعِيفُ والفَقِيرُ مِن حَوْلِهِ عَالَماً مِنَ الحَنَانِ وَالأمَانَةِ وَالإصغَاءِ وَالإيمَانِ.

تُقَدِّمُ إيمَان وَنُور لِلمُرشِدِينَ الرُّوحِيِّينَ الفُرصَة لِيَكتَشِفُوا مِن جَدِيد وَبِطَرِيقَةٍ مُخْتَلِفَةٍ قَلْبَ رِسَالَةِ الإنْجِيلِ، البُشْرَى السَّارَّة الَّتِي يُبَشَّرُ بِهَا الفُقَرَاءُ وَالصِّغَارُ. كَمَا تُقَدِّمُ لَهُم الفُرصَةَ لِيَجِدُوا في ذلِكَ مَصدَرَ تَجَدُّدٍ لِخِدْمَتِهِم.

ليْسَت هَذِهِ الجَمَاعَات جَمَاعَاتِ حَياةٍ تَعِيشُ مَعاً في مَكَانٍ وَاحِدٍ، إنَّمَا هِيَ جَمَاعَاتٌ يَلتَقِي أعضَاؤُهَا أقَلَّهُ مَرَّةً في الشَّهرِ فَيَخْلَقُون في مَا بَيْنَهُم رَوَابِطَ تَزدَادُ عُمْقاً مِن خِلَالِ مُشَارَكَتِهم مَعَ بَعضِهِم البَعض بِمَشَاكِلِهِم وَرَجَائِهِم، وَمِنْ خِلَالِ أوْقَاتِ العِيدِ وَالصَّلَاةِ وَالإفْخَارِسْتِيَّا وَ(أو) الاحتِفَالَاتِ اللِّتُورجِيَّةِ الأخْرَى. تَضُمُّ عَادَةً كُلُّ جَمَاعَةٍ حَوَالِي الثَّلاثِينَ شَخْصاً.

1. جَمَاعَةُ لِقَاء

يَتَضَمَّنُ كُلُّ لِقَاءٍ وَقتاً لِلالتِقَاءِ وَالتَّحَدُّثِ مَعاً، وَالإصغَاءِ المُتَبَادَل. المُهِم هُو نَسْجُ عِلَاقَاتٍ شَخْصِيَّةٍ نَكْتَشِفُ مِن خِلَالِهَا آلامَ الشَّخْصِ الآخَرِ وَمَوَاهِبَهُ وَنَتَعَلَّمُ أنْ نَعرِفَهُ باسْمِهِ. إنَّ المُشَارَكَةَ ضِمْنَ فِرَقٍ صَغِيرَةٍ تُعطِي لِكُلِّ شَخْصٍ فُرصَةً لِلتَّعبِيرِ بِالكَلَامِ أو بِوَسَائِلَ تَوَاصُلٍ أخرى (الرَّسْم، الحَرَكَات، الإيمَاء…). هكذَا، نَسْعَى لأن نَكُونَ "مَع الآخَر" مِن خِلالِ حَملِ أثْقَال بَعضِنَا البَعض وَتَبَادُل التَّشْجِيعِ وَالدَّعمِ وَتَلبِيَةِ حَاجَاتِ كُلِّ وَاحِدٍ. وَمِنْ خِلَالِ الصَّدَاقَةِ المَبْنِيَّةِ عَلى الحَنَانِ وَالأمَانَةِ، نُصبِحُ، الوَاحِد للآخَرِ، عَلامَةً لِحُبِّ الله.

2. جَمَاعَةُ عِيدٍ وَاحتِفَال

يَنْبَثِقُ مِنَ الصَّدَاقَةِ المُخلِصَةِ فَرَحٌ يُمَيِّزُ جَمَاعَةَ "إيمَان وَنُور". ألله هُوَ الَّذِي يَدعُونَا مَعاً وَيَجعَلُنَا نَكتَشِفُ العَهْدَ الَّذِي يَجمَعُنَا؛ لَمْ نَعُدْ لِوَحدِنَا.

تتَّسِمُ اللِّقَاءَاتُ بِأوْقَاتِ فَرَحٍ نُغَنِّي خِلالَهَا وَنَرقُصُ وَنَتَشَارَكُ الطَّعَامَ. وَمِنْ وَقتٍ إلى آخَر، نُقِيمُ نَهَارَ عِيد يَكُونُ مَفتُوحاً لِمَدعُوِّينَ مِنَ الخَارِج حيث يَتَأثَّرُون بِاكتِشَافِ قُدُرَات الشَّخصِ الَّذِي لَدَيْهِ إعَاقَة عَقلِيَّة فِي خَلقِ جَوِّ الفَرَحِ هذا. وَبِالفِعل، عِندَمَا يَتَعَلَّقُ الأمْرُ بِالعِيدِ، فَإنَّ الشَّخصَ المُعَاق غالباً ما يَكُونُ أقَلَّ إعَاقَةٍ مِنَ الآخَرِين، إذ إنَّهُ يَتَحَرَّرُ مِنَ الأعرَافِ، وَمِنَ الاهْتِمَاِم بِالفَعَالِيَّة أو مِنَ الخَوْفِ مِن رَأيِ الآخَرِينَ بِهِ. يَعِيشُ اللَّحظَةَ الحَاضِرَة بِكُلِّ بَسَاطَةٍ؛ إنَّ تَوَاضُعَهُ وَشَفَافِيَّتَهُ يُهَيِّئَانه لِلفَرَحِ الجَمَاعِيّ بِشَكلٍ طَبِيعِيّ.

ولكِن في الجَمَاعَةِ، لا يُمْكِنُ أنْ نَنْسَى مَن هُم عَلى هَامِشِ العِيدِ، وَالمُكَبَّلِينَ بِحُزنِهِم وَمَخَاوِفِهِم. هؤلاء أيْضاً لَدَيْهِم مَكَانهُم في قَلبِ "إيمَان وَنُور؛ يَجِبُ أنْ يَحظَوا بِانتِبَاهٍ خَاصِّ كَي يَعرِفُوا تَدرِيجِيّاً الفَرَحَ والسَلامَ الذي جاءنا به يسوع، حَتَّى وَإن بَقِيَتِ الصُّعُوبَاتُ والآلام.

3. جَمَاعَةُ صَلَاة

جَاءَ يَسُوعُ لِيَحمِلَ البُشْرَى السَّارَّة لِلمَسَاكِينَ. إنَّ ألآبَ يُحِبُّهُم. وَيسُوعُ يَبْذُلُ حَيَاتَهُ مِنْ أجلِ خِرَافِهِ. وَيُغَذِّيهم مِن جِسَدِهِ. إنَّ يَسُوع حَاضِرٌ فِي لِقَاءَاتِنَا وَفِي احتِفَالَاتِنَا. يُسَاعِدُنَا عَلَى عَيْشِ الحَيَاةِ الجَمَاعِيَّةِ بِحُبٍّ وَأمَانَةٍ. يَلتَقِي بِنَا بِشَكلٍ خَاص فِي وَقتِ الصَّلاةِ، وَفِي الإفخَارِسْتِيَّا وَ(أو) غَيْرُهَا مِنَ الاحتِفَالَاتِ اللِّيتُورجِيَّةِ.

4. جَمَاعَةُ صَدَاقَةٍ وَأَمَانَة

تَزْدَادُ الصَّدَاقَةُ عُمقاً عِندما نأخُذ كل الوقت لنكون معاً. ما بين اللقاءات، يُحِبُّ أعضاءَ الجمَاعَة أن يلتقوا في مجموعات صغيرة أو حتى كلّ شخصَيْن أو ثلاثة معاً: يتَحَادَثُون عَن حَيَاتِهم، عَن مَخَاوِفِهم وأحلامِهم وَرَجَائِهم...؛ يُصَلُّون، يَخدُمُ بعضُهم البَعض، يَتَسَلُّون مَعاً يَتَشَارَكون في الطعام أو في نشاطاتٍ تُنَمِّي الصداقَة: إنَّه "وقتُ الأمَانَة" ويُدعى أيْضاً الوقت الرابِع.

5. جماعة تجذّر واندماج

إنَّ للأشخاصِ المُعَاقِين عقلياً دورٌ أساسيٌّ في الجماعة البشريَّة والمُجتَمَع والكنائس. لِكَي يتمكَّنوا مِن مُمَارَسَةِ مَواهِبِهم ولِكَي يَتَقَدَّمُوا، إنَّهم بِحَاجَة للاندِمَاج فيها ولأن تُمنَحَ لهُم الفرصة للمشاركة والعطاء والأخذ فيها. "فإِنَّ الأَعضاءَ الَّتي تُحسَبُ أَضعَفَ الأَعضاء في الجَسَد هي ما كانَ أَشدَّها ضَرورة، والتَّي نَحسَبُها أَخَسَّها في الجَسَد هي ما نَخُصُّه بِمَزيدٍ مِنَ التَّكريم" (1 كو12، 22-23).

إنَّ هَمَّ إيمان ونور هُوَ أن تَندَمِجَ الجَمَاعَاتُ وأعضَاؤُهَا في نشاطات عائِلَة إيمَان وَنُور الكُبرى، وَفِي المُجتَمَع وفي كنَائِسِهم الخاصَّة وجمَاعَاتِهم المَسِيحيَّة ورَعَايَاهُم…

هذه الدعوَة لِتَجَذُّرِ كُلِّ إنسانٍ وَكُلِّ جَمَاعَةٍ تَجعَلُنَا نَكتَشِفُ أيْضاً دَعوَتَنَا وَرِسَالَتَنَا المَسْكُونِيَّة.

اليوم، هُناكَ جَمَاعَاتٌ مُتَجَذِّرَةُ في عِدَّةِ كَنَائِس مَسِيحِيَّة كاثولِيكِيَّة وأرثوذكسِيَّة وانغليكانِيَّة وبروتسْتَانتِيَّة. غالِباً ما تَكُونُ هَذِهِ الجَمَاعَة مُنْتَمِيَة إلى كَنيسة واحدة، وهناكَ بِضعَ جماعاتٍ مُختَلَطَة.

لا بُدَّ مِن تشْجِيعِ كُلِّ المَسِيحِيِّين على التَّعَمُّقِ في إيمانِهِم وَمَحَبَّتِهم لِيَسُوعَ المَسِيح ضِمنَ كنِيسَتِهِم. في لِقَاءَاتِ الجَمَاعَة، يَبْحَثُونَ عَن طَريقَةٍ لِلصَّلاةِ مَعاً كإخوَةٍ وَأخَوَات مُتَّحِدِينَ بِيَسُوعِ المَسِيح.

هُم مَدعُوُّونَ جَمِيعاً لأن يَكتَشِفُوا بِفَرَحٍ القيم المسيحية الحقيقية المنبثقة من تراث مشترك ويُقَدِّرُونَهَا.

تؤمِنُ إيمَان وَنُور أنَّ الشَّخصَ الضَّعِيف والمُعَاق يُمكِنُ أن يُصبِحَ مَصدَرَ وِحدَةٍ في المُجتَمَعِ وفي الكنِيسَة وَبَيْنَ الكَنائِس والبلدان.

في العائِلاتِ الَّتي تُعَاني مِن خِلافَاتٍ قَدِيمَة لَمْ تَعرِفِ السَّلام، غالِباً ما تَأتِي المُصَالحَة بَعدَ تَجْرِبَة. تُنسَى كُلُّ المآخذ وتُمَّحى الأحقادُ. الاتحاد بالصليب يُعِدّ للقيامة في المَحَبَّة الأخَوِيَّة المُستَرجَعَة. يُمكِنُ أن يَخصُلَ ذلِكَ أيضاً بَيْنَ المَسِيحِيِّينَ المُنتَمِينَ إلى طَوَائِفَ مُختَلِفَة المُجتَمِعِيَن حَوْلَ الضَّعِيف والمنبوذ، وحول مَن هُوَ مُهَدَّدُ في حَيَاتِهِ أحيَاناً.

يبقى غِيَابُ التَّواضُعِ وَبَسَاطَةِ القَلبِ عَائِقاً خَطِراً أمَامَ وِحدَةِ المَسِيحِيِّين. مِن خِلال إشْعَاعِ فَقْرِهِم، يُمكِنُ للأشخاصِ الَّذِينَ لَدَيْهِم إعاقة عَقلِيَّة، أن يُدخِلوا المَسِيحِيِّينَ مِن طَوَائِفَ مُختَلِفَة في تَطوِيبَةِ أنقِيَاءِ القُلُوبِ الَّذِينَ يُعَايِنُونَ رُوحَ الله.