ميثاق إيمان ونور


ثانياً - إلهام إيمان ونور

1. كلُّ إنسانٍ هُوَ مَحبُوبٌ مِنَ الله

"إيمَان وَنُور" مَبْنِيَّة عَلى القَنَاعَة بِأنَّ كُلَّ شَخصٍ لَدَيْهِ إعاقَة هو إنسَانٌ بِكُلِّ ما لِلكلِمَة مِن مِعنى وَيَتَمَتَّعُ بِكُلِّ الحُقُوق: خَاصَّةً الحَقّ في أن يَكُونَ مَحبُوباً وَمُعتَرَفاً بِهِ وَمُحترماً في كَيَانِهِ وَخَيَاراتِهِ، وَلَهُ الحَقّ أيضاً بِتَلَقِّي المُسَاعَدَة الضَّرُورِيَّة لِيَنْمُو في كُلِّ المَيَادِينِ، الرُّوحِيَّةِ مِنهَا وَالإنسَانِيَّة. تُؤمِنُ "إيمَان وَنُور" أيْضاً بِأنَّ كُلَّ إنسَانٍ أكان سَلِيماً أو مُعَاقاً، هُوَ مُحبُوبٌ مِنَ الله، وأنَّ يَسُوعَ يَحيَا فِيهِ، حَتَّى وَإنْ لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنَ التَّعبِيرِ عَن ذلكَ. تُؤمِنُ "إيمَان وَنُور" بأنَّ كُلَّ شخصٍ، حَتَّى الأكثر ضُعفاً، هُوَ مَدعُوّ للعَيشِ بِعُمقٍ مِن حَيَاةِ يَسُوع، وَالحُصُولِ على غِنى كَنَيسَتِهِ الرُّوحِيَّ، وَالأسرَار وَالتَّقَالِيدِ الليتورجِيَّة. إنَّهُ مَدعُوٌّ لِأن يَكُونَ مَصدَرَ نِعمَةٍ وَسَلامٍ لِكُلِّ الجَمَاعة وَحتَّى لِلكَنَائِسِ وَلِلبَشَرِيَّةِ جَمْعاء.

تُؤمِن "إيمان ونور" بكلِماتِ القدِّيس بُولس: "وَلكِن ما كانَ في العالَمِ مِن حَماقة فذاكَ ما اختارَه اللهُ لِيُخزِيَ الحُكَماء، وما كانَ في العالَمِ مِن ضُعْف فذاكَ ما اختارَه اللهُ ليُخزِيَ ما كانَ قَوِيًّا " (1كو 1، 27).

2. ضرورة وجود جماعة

كي يَتَمَكَّنَ الشَّخصُ حَتَّى الأكثر إعَاقَةً مِن عَيشِ إيمَانِهِ، يَحتَاجُ إلى أن يَلتَقِيَ بِأصدِقَاءٍ حَقِيقِيِّين لِيَخلقُوا مَعاً جَوّاً دافِئاً يَتَمَكَّنُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنَ النُّمُوِّ فِيهِ بالإيمَانِ والمَحَبَّةِ. عَلى مَنْ يَأتِي إلى "إيمَان وَنُور" لِلقَاءِ أشخَاصٍ لدَيْهِم إعَاقَة عَقلِيَّة، أنْ يَأتِي بِرُوحِ تَقَبُّلٍ للمَوَاهِبِ الخَاَّصةِ بِهَؤُلاء الأشخَاصِ واسْتِعدَادٍ لِمُشَارَكَتِهِم مَوَاهِبهم الذَّاتِيَّة أيْضاً.

لكنَّ رَدَّةَ الفِعلِ أمَامَ الشَّخصِ الضَّعِيفِ وَالَّذِي يَصعَبُ فَهْمُ كَلِمَاتِهِ وَحَرَكَاتِهِ المَعدُومَةِ أحيَاناً، غَالِباً مَا تَكُونُ عَفَوِيَّة وَهِيَ إمَالَةُ النَّظَر وَالهُرُوب. تَنتُجُ رَدَّةُ الفِعلِ هذِهِ عَن عَدَمِ المَعرِفَة وَالخَوْف وَلكِنَّهَا تَكشِفُ أيْضاً رُوحَ الأناَنِيَّةِ وَقَسَاوَةِ قُلُوبِنَا. لِخَلقِ عَلاقَةٍ حَقِيقِيَّةِ وَمُحَرِّرَة مَعَ الأشخَاصِ الَّذِينَ لَدَيْهِم إعَاقَة عَقلِيَّة، يَجِبُ أنْ "تَتَحَوَّلَ قُلُوبُنا المُتَحَجِّرَة إلى قُلوبٍ مِنْ لَحمٍ". وَحدهُ يَسُوع وَرُوحهُ القُدُّوس يَستَطِيعَانِ تَحوِيلَ قُلُوبِنَا كَيْ نَتَمَكَّنَ مِن اسْتِقبَالِ الفَقِيرِ وَالمَنْبُوذ، والاعتِرَاف بِهِ في حَقِيقَتِهِ الرُّوحِيَّةِ وَالبَشَرِيَّةِ العَمِيقَة. إنَّ هذا التَّحَوُّل في المَحَبَّةِ يَجعَلُنَا نَتَعَرَّفُ عَلى وَجْهِ يَسُوعَ فِينَا وَفِي الآخَرِ.

تُظهِرُ لَنَا مَريَمُ طَرِيقَ هذا التَّحَوُّل وَالأمَانَةِ في المَحَبَّة. بالقُربِ مِن يَسُوع المَصلُوب، تُعَلِّمُنَا مَريَمُ وَالتِّلمِيذ الَّذِي كَانَ يَسُوعُ يُحِبُّهُ أنّ نَكُونَ مِثْلَهُمَا قَرِيبِينَ وَمُحِبِّينَ لِإخوَتِنَا وَأخَوَاتِنَا فِي قَلبِ الجَمَاعَة. كأمٍّ مُتَيَقِّظَة، تُظهِرُ لَنَا مَريَم كَيْفَ نَحمُلُ مَعاً الآلامَ البَشَرِيَّةَ وَكَيْفَ نَحيَا مِنَ القيامة.

باِلرُّغمِ مِنَ الألَمِ وَمِن خِلالِهِ، تُصبِحُ الجَمَاعَةُ مَكاناً للسَّلام وَالفَرَحِ. إنَّهَا الوَسِيطَة أو الكَاشِفَة عَنِ المَوَاهِبِ الَّتِي مَنَحَهَا اللهُ لِلأشْخَاصِ الَّذِينَ لَدَيْهِم إعَاقَة عَقلِيَّة: قُدرَتُهُم عَلى قُبُولِ الآخَر وَمَحَبَّتُهُ، وَبَسَاطَتُهُم وَرَفضُهُم لِلأعرَاف. في مُجتَمَعٍ مُتَمَحوِرٍ على الكَسْبِ وَالسُّلطَة، إذا كان الأشخاص الَّذِينَ لَدَيْهِم إعاقَة عَقلِيَّة غَيرَ فَعَّالِين، غَيْرَ أنَّهم نَبَوِيِّينَ فِي مَجَالِ القَلبِ وَالحَنَانِ وَفِي كُلِّ مَا هُوَ جَوْهَرِيّ فِي الشَّخصِ البَشَرِيّ. الفُقَرَاء هُم إذاً مَن يُبَشِّرُونَنَا بِالإنْجِيل.

3. المُرَافَقَة نَحوَ نُضجٍ إنسَانِيٍّ أكبَر

لِمُسَاعَدَةِ الشَّخصِ المُعَاقِ عَلى إيجَادِ سَلامِ القَلبِ وَالرَّجَاءِ وَالرَّغبَةِ في النُّمُوّ، لا بُدَّ مِن أن نَرَاهُ، عَلى نُورِ الإنجِيلِ، وَأنْ نَسْعَى لِتَفَهُّمِهِ أيْضاً فِي حَاجَاتِهِ البَشَرِيَّةِ، وَفِي آلامِهِ وَأن نَعرِفَ كَيْفَ نُوَاجِهُهَا. لِذلِكَ، عَلَيْنَا أن نَكتَسِبَ شَيْئاً فَشَيْئاً الخِبْرَةَ الإنسَانِيَّة وَالمَعرِفَة الضَّرُورِيَّة. عَلَى مَن يَلتَزِمُ في "إيمَان وَنُور" أن يُصبِحَ كَفُوءاً فِي مُرَافَقَةِ الأشْخَاصِ الَّذِينَ لَدَيْهِم إعَاقَة عَقلِيَّة وَالَّذِينَ يُعَانُونَ مِنَ الصُّعُوبَات.